/ / من هدي النبوة " ...ذَاتُ أنْوَاط..." . تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات

من هدي النبوة " ...ذَاتُ أنْوَاط..." . تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات


بسم الله الرحمن الرحيم
من هدي النبوة "
...ذَاتُ أنْوَاط..." "
ذَاتُ أَنْوَاط حتى الكلمة غريبة وتطرق مسامعنا قليلا، ولكي نعرف معناها عدت إلى معاجم لغتنا الجميلة فوجدت أن النَّوْطُ :- هو كلُّ ما يتعلق بشيءٍ أو يعلق له، ومنه شجرة ذَاتُ أَنْوَاطٍ أي لها كلاليب تعلق عليها الأشياء وهي خاصة بالأشجار،،،،، قَالَ ابن الأثير فِي النِّهَايَةِ :- ذات أنواط هِيَ اِسْمُ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ لِلْمُشْرِكِين يَنُوطُونَ بِهَا سِلَاحَهُمْ أَيْ يُعَلِّقُونَهُ بِهَا ، وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا...ومنه عَكَفَ القومُ حَولَ الشجرة استداروا عليها جلوسا . ولبيان ذلك وتوضيحه ورد في حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه:- ( أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ،،،،،، قَالَ : وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،،،،أي شجرة عظيمة يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ ،،،،، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ،،،،، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ ...أي شجرة مثل هذه الشجرة خاصة بنا. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى :- اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً،،،،،،،،،نفي للشريك بأي صورة كانت. قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة ) طلبكم هذا في منتهى الجهالة دليل تعلقكم وظنكم أن الأشياء تنفع وتضر من دون الله ، وسيبقى أناس يركبون هذه الموجة، والركوب دليل التمكن وهي الدعوة إلى سنن من قبلكم من الأمم كطلبكم بذات أنواط. تصوير حالة البشر هي نسخة قد تتكرر في كل زمان ومكان حتى بين الطبقات المثقفة أو العامة من باب التغيير ومسايرة ومجاملة الآخرين على حساب الدين نفاقا وتزلفا وترضية للخواطر وتمشيا مع الواقع..الواقع. إذن ليس حصرا على مسمى ذات أنواط فالشجرة هذه مثال الشرك والشرك له مسميات متنوعة ومتعددة وقد يسمونه بغير اسمه من أجل التحبيب والتقريب والتشجيع الفظيع الوضيع كلام واضح ومثال فاضح من عهد نبي الله موسى يبين المتوارثات البشرية الهابطة من زمن الجاهلية الأولى ويصقل أغوار النفس الإنسانية التي تُعبد من دون الله ألهه مختلفة حسب الأهواء والميول والمسميات،،،، فهي طرق معهوده مرسومة عفى عليها الزمان يسلكها السالكون نحو الضلالة والبعد عن الهداية حتى تصبح مع مرور الزمن لهم عبادة، وقد كانت فيما سلف عادة فالشرع لا يضفي الشرعية على مخلفات البشرية وسفاسف الأمور وصغائرها وسقطها، ولا يلبس العادة لباس التقوى والصلاح ،،، وإنما يعريها ويشير اليها أنها عادة إياك ثم إياك أن تصبغها بصبغة العبادة فتزل قدمك وينقطع أمل وتلاقي أجلك دون توبة وقد وقعت في حُوبة ونُّوْبَةُ........... وميزه صلى الله عليه وسلم الأعمال فقال "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً ليسَ عليه أمرُنا هذا فهو رَدٌّ) مردود غير مقبول مهما كان بأي مكان إذن هنالك خاتم وماركة مسجلة تميز الأعمال والأفعال ولها ميزان هو القرآن والسنة النبوية وليس لك أن تختار ما تشاء كيفما شئت، وإنما الأمور منضبة ومضبوطة ويلفت ربنا جل جلاله الإنسان أنه مفطور على فطرة سليمة قويمة توافق خلقه يقول الرحمن{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}}}}} لو ترك الحبل على الغارب لتشعبت وتتشت الأمة وعندها يحتكم الناس لآرائهم ولأمرائهم وملوكهم ورؤسائهم ومعتقداتهم وأحزابهم وطرقهم وسننهم وعشيرتهم وأهوائهم فيختلفون وتتداخل المصالح والمنافع وتتعدد الروابط ويكون النفاق والتزلف والتخلف والتشرذم هو سيد الموقف وهذا هو الحاصل الآن -ذات أنواط – وعندها يصدق عليهم قول الحق جل جلاله{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}هذا هو التيه والضياع عندما يتنكب الناس طريق الهداية إلى الضلالة ... كل فريق من المسلمين له شجرة خاصة به فالرسل مهمتهم جمع الناس على الوحدة والتكاتف والتعاون والألفة قال الله تعالى:-{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} حتى الفروض تشجيع على الجماعة الواحدة وتنبذ الفرقة أنظر صلاة الجماعة واجتماع الناس في عرفة والصوم من وإلى وقت محدد.... إذن سؤال يطرح نفسه أيهما أفضل ذات أنواط أو أتباع كتاب الله وسنة نبيه......ثم جاء طرح جديد لما في نفوس العبيد في إيجاز مختصر... قال الله تبارك وتعالى :- {{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ*** وَأَبْنَاؤُكُمْ *** وَإِخْوَانُكُمْ *** وَأَزْوَاجُكُمْ *** وَعَشِيرَتُكُمْ *** وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا*** وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا*** وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا*** أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ*** فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ *** وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }} هذه المقطوعة القرآنية هي متطلبات البشر ومرتكزات دنياهم لا يتعداها أملهم وقد انحصرت في هذه الأشياء فهي التي تقرب الإنسان من الله أو تبعده عن الله، فإذا أصبحت غاية بذاتها تحولت إلى عبادة محضة وترك العبد عبادة الله واستعبدوها... وجاءنا الرسول الكريم بمثال على ذلك.... قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَعِسَ عَبْدُ الدينار، تَعِسَ عَبْدُ الدرهم، تَعِسَ عَبْدُ الخَمِيصَة، تعس عَبْدُ الخَمِيلَة، إن أُعْطِيَ رَضِيَ، وإن لم يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وانْتَكَسَ، وإذا شِيكَ فلا انتَقَشَ....} يَالَهَا مِنْ حَيَاةِ تَعْسٍ وَنَكَدٍ ! تعيشها البشرية الآن...قال تعالى{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا...}} وهكذا يصبح الدين يؤخذ على المقص ويفصل على المقاس لكل الناس بين موسع ومضيق، ويزيد الطين بله كثر المفتين من غير علم وخروج على الدين ويصبح الدين له رجال وليس علماء ملتزمون أهل صلاح وثقة،،، قال الله تعالى{{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}} السؤال حصرا وقصرا يوجه إلى أهل الذكر بالذات أصحاب الاختصاص وليس لكل الناس فالعلماء يفتون أخذا من الكتاب والسنة فهي رسالة واحدة تجمع لا تفرق... الآن بعض العلماء أصبحوا أداة تطويع وتنويع وترقيع وتفريع وتقريع فأصبح الدين في نظرهم محكوم لهم وليس حاكما عليهم وعلى غيرهم بين انتقائية وأقصاء... يتبعون السلطة والسلطان ويزينوا الأمور ويلوون عنق النصوص وفق أهواء تلك اللصوص من أجل الحصول على دراهم وفلوس أو منصب مخصوص ... ومن العامة من ينصب نفسه جهلا ويطلق للسانه العنان بدون بيان ويفتي على ذراعه لا يتقيد بشرع ولا دين... عندها يقع الناس في حرج إلى من يلجئون وأين يتجهون وبأي فتوى يأخذون وكل يدعي وصله وقربه من رب العالمين، وهذا واقع مرير ومؤلم ومخزي كذات أنواط،،،، ومن هنا فالبشر يحتاجون إلى مرجعية معتمدة لكافة المسلمين الكتاب والسنة بعد توافر وسائل الاتصالات الحديثة،،،وهذا لا يكون إلا بالوحدة لا التفريق بين أبناء الأمة الواحدة،،،، ومن هنا ضعف الأيمان لدى الإنسان وبدأ يفتي نفسه بنفسه بما يوافق هواه وييسر أمره وهنا تكمن المصيبة، ويحتج ويرفع صوته عليك ويقول لك ورد في الحديث :- عن وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : {{جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ *** فَقَالَ نَعَمْ فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي*** وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ*** الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ*** وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ*** وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ}} هذا لا خلاف فيه أن كان هنالك ورع وتقوي وصلاح وفلاح، وبذلك يكون النجاح كالسلف الصالح فهم يقدمون الدين على كل أمورهم ويسالون ويستفتون فيما يعود عليهم بالنفع لدينهم، أنظر الآن يسال كل المفتين العارفين وغير العارفين ثم يعمل ما يحلو له ويقول لك هذا هو الدين؟؟؟ مسكين كذب على نفسه وتجرأ على أحكام رب العالمين، وقبل النهاية وكما كانت البداية بذات أنواط..... قال الله تعالى:-{{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا }} لا شك لو كان غير القرآن الكريم لكان للإنسان حق أن يجتهد في موضع النص من أجل أن يكمل النقص ولكن أغلق الباب على كل هؤلاء ... قال الله تعالى :- {{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}} صف نيتك ونق عقيدتك مما يشوبها ويعكر صفوها "وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ " ويكون جزاؤك بعد انتهاء أيامك وعملك، عندها لا ينفعك ذات أنواط ولا عيد حب ولا عشاق ولا أعياد ميلاد وإنما تواجه الحقيقة وجها لوجه مع رب العباد..... وهذه حال الكافرين يوم الدين قال الله تعالى:- "قَالُواْ :- وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تالله إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ*** إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ العالمين ) فالخصومة والعتاب والملامة حتى في النار حينما التقوا مع أعمالهم ومع من...{...شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ...}} إذن كفى خروجا عن مبادىء دينك، فهذه نصيحة فقط للمعتبرين؟؟؟ تسأل عنها يوم الدين إني كنت لك بإذن الله من الناصحين لا من الغاشين والله ولي المتقين... تقديم الدكتور أحمد محمد شديفات

about author

Blogger Sens it website about blogger templates and blogger widgets you can find us on social media
Previous Post :Go to tne previous Post
Next Post:Go to tne Next Post

No comments:

Post a Comment

Note: Only a member of this blog may post a comment.